«كلوا بسكوت»
سوزان المشهدي
الادعاء سهل، وكثرة الهرج مسلية، ولكن «الجوع كافر»! والحاجة لمصروفات يومية «شأن خاص»! ولكن أن يقوم كل موظف بواجبات وظيفته مع صعوبة - على ما يبدو- أن يستشعر أحد ما حجم معاناة الآخرين أمر مستحيل، وفي وقت التكذيب والادعاء بأنها شكوى كيدية سهل وبسيط للغاية مثل أكل قطعة من الجاتوه، الجاتوه الذي ربما لم ولن تأكله احدى السيدات التي رفعت أخيراً دعوى على مصلحة مهمة، مهمتها صرف رواتب المتقاعدين، نعم الأخطاء البشرية واردة والمفترض ألا توجد في مؤسسات حيوية ترعى شؤون الناس وتقيهم مغبة الحاجة للغير، والمفترض (إن وجدت) ينبغي تداركها في أسرع وقت، اما ان يستمر الخطأ أربعة أشهر كاملة فهذا الذي ينبغي ان نقف عنده كثيراً!
ألا تجد سيدة وأبناؤها الراتب الذي منه تعيش ومن خلاله توفر لوازم بيتها وحاجات أبنائها (فهذه مشكلتها هي) وعليها أن تتدبر أمرها وأمرهم، عليها أن تتسول لتطالب بحقها وعليها ألا تستعجل، فالامتناع عن الطعام ريجيم مطلوب، والتعرض لانقطاع التيار الكهربائي توفير للطاقة وأجور المواصلات ليست مهمة (المشي رياضة) حتى ولو امتلأت مكة الحبيبة (بالسيول) يكفيها انها وغيرها يسيرون فوق الماء وهي رياضة جديدة أجبروا عليها تمهيداً لإدخالها ضمن الرياضات المحببة على رغم انه تمارس في مناطق أخرى في البحار، وبما أن الخصوصية تفرض نفسها علينا حتى ونحن منها نهرب فهي تمارس في الشوارع العامة وبكامل الملابس!
التكذيب يستفز خصوصاً ونحن مجتمع لم يعتد كثيراً بالضرر النفسي والمذلة والخوف والإحراج والحاجة للآخرين (ضعف وانكسار).
تذكرت أحد المسؤولين والذي طالبته ذات مرة بإدخال سيده معوزة تسكن في الرباط (في بند الصدقات) فرفض بشدة بعدما عرف اسمها واسم عائلتها الكبيرة والمشهورة بالأيادي البيضاء (هنا وهناك)!
الحجة أنها من عائلة كبيرة وان أخاها بها ملزم (نعم أخوها بها ملزم) ولا يعطيها فماذا تفعل؟ أخوها يعطي بالآلاف وأخته تقيم في رباط (هل هو ذنبها)؟
فاقترح غاضباً (مني) وليس على السيدة الغلبانة أن تشتكي أخاها المقتدر الذي نسي ان له (أختاً محتاجة) في المحكمة ليجبروه على الصرف عليها!
أصابتني نوبة مرح مباغتة وتخيلت المشهد وحلقت معه فحتى ترفع قضية ويبت فيها وتستحضر السيدة الشهود وتبحث عن أوراقها (غير المتوافرة) بالطبع، فكم سيمضي من الوقت يا ترى!
وهممت أن انسحب من المهاترة العديمة الفائدة وتذكرت المقولة الشهيرة لملكة فرنسا التي اشتكى لها شعبها مرة من ارتفاع سعر الخبز فقالت لهم (لماذا تأكلون خبزاً كلوا بسكوت).